الأحد، سبتمبر 29، 2013


كلكم أخوان .. (1)

أيها الساسة العظام في هذا الوطن المعدم اللي مش لاقي اللضا ، أقول لكم قبل التحية و السلام ، أقولها و أنا على كامل الثقة أن لا أحد منكم سيقرأ هذا ولكنها كلمة حق قد ضاق بها صدري و خرجت قبل ان تنفجر ككلمة ناسفة في داخلي . أيها الساسة كلكم أخوان و لكنكم لا تعلمون أو أنكم - عذرا - تستعبطون .. سياسيا طبعا - على طريقة إبراهيم عيسى حينما يريد ان يفلت من عقوبة السب و القذف ، فقد يضع أي سباب و يتبعه بكلمة "سياسيا" ، و لعلي أراه في يوم من الأيام يصف احدهم قائلا هذا ابن العاهرة..سياسيا طبعا - أعيد لأكرر لعل أحدكم قد نسى عن ماذا كنت أتحدث قبل هذة الجملة الاعتراضية اللي ملهاش أي تلاتين لازمة . أيها الساسة كلكم أخوان ، كلكم أخوان ، كلكم أخوان. كلكم انتهازيون تنتمون لأحزاب أو حركات انتهازية أو أنكم حتى انتهازيون مستقلون . كلكم انتهازيون ؛ لأن سياسة الانتهازية هي السياسة التي تسود العالم اليوم ، إما أنكم تسعون إلى سلطة و ثروة و نفوذ كالاخوان ، أو أنكم تنتمون إلى جماعات أخرى كالقطيع أو تقودون من فيها كالقطيع أو الاثنين معا كالاخوان . و أما انت أيها الشعب المعدم اللي مش لاقي اللضا ، فلا تصدق أحدا يقول لك انه جاء يعطف عليك أو يحنو عليك ! الكل طامع في ان يمص ما بقى لك من دماء .. ده لو فيه بوء فاضل ! .
ولكنني و بطبعي لا أحب الولولة أو بالفصحى لا أحب البكاء على اللبن " المشروب " ، دعنا نضع المشكلة أمامنا و نبحث لها عن حل ! .. و بينما أنا نائم في فترة الراحة الخاصة بي اثناء العمل ولست نائما في فترة العمل الخاصة بي اثناء الراحة ، ما علينا ! رأيت نفسي أقوم بإجراء عملية قلب في جسد عفن و لكن القلب ينبض في معجزة لا يصدقها أحد ، ثم جاء احدهم من خلفي ليمد يده داخل الجسد و يخطف البنكرياس و يجري ، و يأتي اخر ليخطف الطحال و يهرب و يأتي اخر ليشد عدد من الأوعية الدموية و يفر ، كل هذا و أنا أحاول المحافظة على القلب النابض داخل هذا الجسد العفن ! و إذ بنبضات هذا القلب تنخفض تدريجيا و جاء أحدهم " ليغز " هذا القلب بمشرط و بدأ القلب في النزيف فإذ بي اخرج هلعاً من غرفة العمليات و أركض في طرقات المركز أبحث عن حل فأرتطم بشخص ، نظرت إلى وجهه فوجدته هو ! نعم هو ! إنه فلاديمير لينين .. فسألته مفزوعا : لينين ما العمل ؟!! فقال لي : جئت لي بعد ما عفن الجسد و نزف القلب لتسألني ما العمل؟!! العمل عمل ربنا يا روح امك ! .. هكذا ختم العم لينين حديثه معي و يبدو ان الموت الكتير خلى لسانه طويل شويا ..

و لكن يبدو ان عم لينين قد أصاب عين الحقيقة و الصواب ، نعم ! ماذا انتظر من جسد قد عفن ؟ جسد قد فقد الاحساس ، حتى الاحساس بالأزمة ! .. ما علينا ! دعونا نجتمع يوما في الميدان في جمعة اللبن و نبكي سويا على اللبن المشفوط ! أبشركم جميعا بأن نظام مبارك لن يعود أبدا ! هو ماراحش حتة أساسا ! في الحقيقة نظام مبارك مستمر ! .. دعوني أتحدث إلى دراويش مبارك أولا ، الذين لا أعلم حقا بأي شيئا تدروشوا و لكن ما علينا ! أحدثكم عن بعض كرامات شيخ الطريقة المباركية الشيخ محمد حسنى مبارك ، لن أحدثكم عن أقسام الشرطة و الخطف و التعذيب و الاغتصاب و الجلد و القتل ! و لن أحدثكم عن اقتحام المنازل و الجامعات و خطف و سحل متظاهرين كانوا ينادون بالحرية و العدل وقت الصمت و السكوت ، لن أحدثكم عن مدرسة حكومية من مدارس حكومات مبارك و أنا على علم أنكم لم تكونوا يوما ما جزء من مثل هذة المدارس اللي الفصل فيها يخزن فيه سبعين طالب كالسردين المملح . و على ذكر هذة المدارس ، فقد كنت في إحدى مراكز محافظة البحيرة مشاركا في إحدى الحملات الخيرية في رمضان و بينما نحن جالسون في مسجد القرية نستريح من عذاب الشمس ، كان بعض الصبية يلعبون داخل المسجد ، فناديت احدهم فأتوا جميعا. فسألته : انت في سنة كام يا حبيبي؟ فأجابني : رايح أولى إعدادي ! .. ولا أعلم لماذا سألته : تعرف تقولي مصر بتتكتب إزاي؟ فأخذ يفكر مليا ثم قال : مممم .. ميم .. ماماماما .. ألف .. لأ لأ هاء .. مـه .. ماصصص .. سين .. ماسررر .. راء ! .. فتلقيت هذة الصدمة بمنتهى برودة الأعصاب و كأنني كنت واثقا من انه لن يعرف فبدأت أسأل أصدقائه فوجدت ان صديقي الأول كان الأقرب في "تفكيك" كلمة مصر . هؤلاء هم الغالبية الكاسحة من تفريخ مدارس مبارك .. و عايزني أكسبها ؟! ..

و أما عن مستشفيات مبارك فحدث ولا حرج ! أتحداك سيدي الدرويش ان تعالج لا قدر الله أحد الغاليين عليك فيها ، ان تعالج فيها ابنك فلذة كبدك أو أخوك الصغير أو أي أحد تعرفه ! أتحداك ان تتحمل البقاء يوما كاملا داخل هذة المستموتات ، لأن المصير معروف و محتوم بعد البقاء يوما كاملا فهو و بالتأكيد البقاء لله ! .. تلك المستموتات التي تملأ ممراتها مرضى يفترشون الأرض و ينزفون الدم فيختلط دم المريض ، في ملحمة وطنية زكية خالدة ، بدم المرحوم الذي كان يفترش الأرض قبله في نفس المكان، متروكا ينزف حتى يتخلص من هذا السائل الأحمر اللزج الذي بداخله .. عشان نبدأ نشتغل فيه على نظافة بقى ! و في هذا المشهد يتجسد المعنى الحقيقي للوطن .. في هذة المستموتات تجد الكثير من الممرضات و الممرضين ليس لهم أدني علاقة بلفظ " ملائكة الرحمة " ، قد تسميهم " ملوك ضيق الخُلق " أو " شياطين الغباوة " أو " عفاريت الطناش " ، فقط في مستموتات مبارك .. مريض عجوز مكرمش رماه حظه العثر و يومه الأخبر في أحدى هذة المستموتات متألاما صارخا آاااه، تجد الممرضة اللي خُلقها ضيق تقول له : بس بقى يا حاج الله يخربيتك صدعت أمي ! .. و كأن الحاج قد ارتكب جريمة التوجع في مستشفى عام .. و عايزني أكسبها ؟ سيدي الدرويش أتحداك لو وافق مواطن أمريكي على ان يعالج كلبه داخل أي مستموتة من مستموتات مبارك في مصر . أخي الدرويش بالله عليك انت ما بتشبعش ذل ولا انت ما جربتهوش أصلا؟! ..
نعيش على أطلال دولة ممزقة ، أثار انقاض دولة انهارت من أربعين عاما أو أكثر ، بقايا دولة مكدسة بالبشر يملأ شوارعها الزحام الراكد الذي بدأنا نعتقد في انه أمر طبيعي نتعامل معه نهارا و ليلا . نحن في دولة بلا نظام و يحكمها قوة السلاح ، اللي يصحى الصبح بدري و يلاقي معاه الجيش و الداخلية هو اللي بيحكم ، والذين هم ضدهم نسميهم مجازا المعارضة أو في بعض الأحيان " الطابور الخامس " و أهي بترزق على كدة .
هشيم دولة خارج التاريخ و الزمن و الانسانية و العالم ، كرمنا الله بمكان في العالم الثالث رحمة و فشقةً بينا يا رمضان ، قد كان الأقدر بنا ان يفتحوا لنا العالم الرابع نقعد فيه لوحدنا لولا رحمة من الله . و الحق الحق أقول لكم نحن في حاجة إلى ما هو أبعد من الثورة ، السيدات و السادة الأعزاء نحن حقا في حاجة إلى معجزة يمن الله بها علينا ، أن يرزقنا الله بنصيبة تاخد الطبقة الحاكمة كلها ، الذين يتبادلون معا مواقع السلطة و الثروة و النفوذ و أن تمتد النصيبة لتلحق بكل المتعلقين في ذيل هذة الطبقة ينتظرون الفرصة ليكونوا مكانهم ، و أصدقكم القول أنني ارى ان "النصيبة" أوقع كثيرا من المصيبة لأنها ستلقى قبولا شعبياً واسعاً و سيأخذ كل شخص "المصيبة" اللي من "نصيبه" و اصدقكم القول أيضا أنني أتمنى أن أرى مصر دولة متخلفة حتى ! .
ما يجري في مصر لا يستحق أن يوصف بفاشية عسكرية في مواجهة فاشية دينية ، بلاش كلام كبير يا جدعان ! لأن هذا ظلم و إهانة للفاشية أو النازية أو مثل هذة المصطلحات ، زمان هتلر بيتشقلب في نومته دلوقتي بشنبه ده ! انه افتراء جسيم على الفاشية و إلا تكون حقا "الفاشية لمّت" .
ما يجري في انقاض دولة لا يمكن ان يوصف بنفس المصطلحات التي تستخدم في الدول نفسها ، فيمكن أن نصف ما يجري في مصر بالمهلاشية مثلا و هو مصطلح جديد مزيج بين المهلابية و الفاشية أو كنافاتورية نسبة إلى الكنافة الشعر و الديكتاتورية ، ربما تكون هذة المصطلحات أكثر واقعية في بقايا الدول .
أما عن " دولة " يكون فيها القتل مستباح و السحل مبرر و الاعتقال أمر استثنائي و الحبس الاحتياطي قد يكون مفتوح مدى الحياة ، " دولة " يسكنها شبح الطوارئ تقيدها اغلال حظر التجوال بينما يمزقها أفكار متخلفة رجعية تكفيرية إرهابية متطرفة ، يكون فيها الاغتيال رد فعل و التفجير تعبير عن الغضب و حمل الأسلحة النارية و اطلاق النار العشوائي لزوم فرض الشرعية بالسلمية و المكسرات ، فعلينا و عليها و على الدنيا السلام .
البنات الفضليات و الشباب الكرام أبناء هذا الجيل الذي ظن نفسه " الجيل الفلوطة " على رأي عم صبحي صالح عليه من الله ما يستحق ، هذا الجيل الذي ظن نفسه هيعدل المايلة و يرد الروح لجسم اتحلل و فاحت رائحته ، تلك الرائحة التي كلما فاحت زادت الضباع و الباعوض حول الجسد . أيها الجيل الفلوطة الذي انتمي له ، أدي الله و أدي حكمته. أنعي إليكم ضياع الأمل و خيبة الأحلام ، أنعي إليكم دولة العدل و الحرية و المساواة و الكرامة ، أنعي إليكم حقوق البني ادمين و حقوق الانسان و أي حقوق أصلا حتى حقوق الإسكندرية ! أصدقائي أبناء هذا الجيل لقد مَنَّ الله علينا بسقوط جميع الأقنعة و أصبح الجميع "ملط الوجوه" و اللعب ع المكشوف و هذا أفضل كثيرا من اللعب تحت الطرابيزة ، فأما عن اللعب فوق الطرابيزة فأنت ترى وجه من يلسعك الأفا مكشوفا و أما عن تحت الطرابيزة فقد لا ترى من أي اتجاه يأتيك الـ.. ما علينا ! إن الله حليم ستار ! و لكن أحذروا أن من يدير الواقع المصري الآن هم قيادات الثورة المضادة بامتياز و أن من يدير الإعلام المصري الآن هم "الاذكياء" تحت نفس القيادة ، فلا انتظر من أحد ان يقنعني ان رجال أعمال مبارك يحبون مصر أمثال أصحاب دريم و المحور و صدى البلد و التحرير و القاهرة و الناس و غيرهم ؟! إذا كان هؤلاء هم من يحبون مصر فمن دمرها؟ فمن جعلها تشحذ؟ فمن جابها على الحديدة؟ .. أنا من مش مرتاح من قبل المهلة الـ 48 ساعة .. أنا مش مرتاح من أول ما بهاء سلطان عمل أغنية " أنزل " و اتذاعت أول مرة على سي بي سي و الفراعين .
نحن كنا في مواجهة ثورة مضادة واحدة .. كل الحكاية أن الثورة المضادة أنقلبت على بعضها و تقسمت و بقينا في مواجهة ثورتين مضادتين .. هما اللي الاتنين ضدنا كالعادة ، لكن كل اللي زاد أن هما الاتنين بقوا ضد بعض .. تصدق لسه فيه أمل !
يسقط كل ظالم ، يسقط كل كذاب ، يسقط كل مفتري ، يسقط كل جلاد ، يسقط كل معتدي ، يسقط الفلول ، يسقط الاخوان ، يسقط كل حكم عسكري ، تسقط كل دولة تكفيرية إرهابية أينما كانت ، تسقط كل دولة بوليسية أينما كانت ، تسقط كل دولة ترعى مرتضى منصور و تسمنه و تغذيه لتسيّبه علينا على الشاشات و تقوله " بشك " على الشعب، يسقط الضرب ع الأفا و الإهانة و الشتيمة و قلة الأدب و التخوين ، تسقط الخلايا النايمة اللي مش عارف نايمة فين لحد دلوقتي و يسقط الطابور الخامس اللي مش عارف واقف فين لحد دلوقتي ، تولع الطبقة الحاكمة ، و يعيش مبارك يعيش يعيش يعيش في جهنم و بئس المصير تحت الإقامة الجبرية الخالدة إلى الأبد ، و تعيش مصر عايزة تبقى دولة حرة مستقلة .. تحقيق قضائي مستقل في كل قطرة دم سقطت منذ 25 يناير و حتى أخر شهيد سقط قبل أن تقرأ هذا الكلام .. و ما دام القصاص غائب و ما دامت الحقوق ضائعة و ما دامت المحاكمات هزلية و ما دامت الجنرالات فوق القانون .. أنسى أن البلد دي تبقى محترمة أو تقوم لها أي قومة .. و دعوني أكرر الجملة التي أصبحت مبتذلة لدى البعض أو الكثير .. ستظل الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها رغم أنف الجميع .. من أكبر نظارة شمس "برسول" لأصغر دقن إرهابية في سيناء .. كنت هنسى التحية و السلام .. و الرزق و الحياة دول بتوع ربنا .. سلام